Monday, July 6, 2009

قوة القربان


في اليوم الثالث اشتغل أحمد كل النهار في المزار وفي المساء سألته: "هل شاهدت يوماً فيلم المسيح؟"
قال: "لا."
قلت: "أتريد أن تشاهده؟"
قال: "لا مانع لديّ."
فأخذته الى صالون الرعية الكبير وهناك شاهدنا فيلم The Passion of the Christ لميل غيبسون. وفيما كنا نشاهده استوقف أحمد مشهد يسوع في بستان الزيتون يدوس الحية فقال بأعلى صوته: "أعد المشهد، أعده، أريد أن أرى."
قلت: "ماذا تريد أن ترى؟"
قال: "أريد أن أرى الصندل."
فأعدت المشهد وقال: "هذا هو الصندل الذي رأيته في الحلم، لونه عسليّ، وله شريطة."
ففهم أنّ الربّ يسوع هو الذي تراءى له في الحلم.
طبعاً ميل غيبسون لم يختر نفس الصندل الذي كان ينتعله المسيح ولكن المسيح اختار هذه الصورة ليكشف ذاته لهذا الرجل.
وفي نهاية الفيلم قال: "هذه هي الحقيقة ويجب على الجميع أن يعرفها."
قبل مغادرة الصالون سألته: "أتحبّ أن نزور الكابيلا قبل الذهاب الى الشقة؟"
قال: "نعم."
ولم أخبره شيئاً عن ماهية الكابيلا وعن حضور المسيح الحي في سرّ القربان. كنت متأكداً أنّ الرب الحاضر في سرّ القربان سيلمس قلب أي إنسان طاهر، يسعى الى الحقيقة. فدخلنا الكابيلا وجلسنا قرب بيت القربان. وبعد لحظات، فاجأني أحمد حين أخذ يدي اليمنى ووضعها على قلبه. كان قلبه ينبض بسرعة كبيرة وقوية.
سألته: "ما بك؟"
قال: "منذ دخلت هذا المكان وأنا أشعر بارتعاش كبير وكأنّ شخصاً يضع يده على كتفي."
قلت: "صلِّ."
وبعد لحظات أخرى سألني وهو يرتجف: "أرأيت ما رأيت؟"
قلت: "ماذا رأيت؟"
قال وهو مضطرب: "أخبرك فيما بعد."
قلت: "أطلب الآن ما تريد والرب سيحققه لك."
صلينا قليلاً ثمّ غادرنا الكابيلا. في الطريق سألته: "ماذا رأيت يا أحمد في هذا المكان؟"
قال: "رأيت نوراً خرج من تلك العلبة[1] واتجه يساراً ثمّ يميناً ودخل قلبي بسرعة البرق."
لم أفهم لماذا كان على النور أن يتجه يساراً ثمّ يميناً.
قلت متسائلاً: "أتعلم الى أين أخذتك؟"
قال: "لا. مكان مقدّس؟ منذ لحظة دخولي ذلك المكان[2] شعرت أنّ مبدأ كل شيء موجود هنا[3]."
هنا بدأ أحمد يتكلم باللاهوت إذ بعد يومين من هذه الحادثة أصدر البابا بنديكتوس Sacramentum Caritatis  يتحدّث فيه عن الإفخارستيا قمة كل شيء في المسيحية.
قلت: "نعم، مبدأ كل شيء موجود هنا."
وشرحت له العشاء الأخير الذي أقامه يسوع مع تلاميذه وكيف أعطانا جسده ودمه لمغفرة خطايانا وللحياة الأبدية وكيف هو حاضر في سر القربان.
قال: "أهذا يعني أن المسيح كان حاضراً؟"
قلت: "نعم."
قال: "يا إلهي، هناك أموراً كثيرة تحدث معي هنا في دير القمر منذ مجيئي."
"لا تخف، إنّ الرب يكشف لك عن ذاته."
وكان مساء وكان صباح: يومٌ ثالث.










[1] العلبة هي بيت القربان. بيت القربان يحوي القربان المقدّس. القربان المقدّس هو المسيح يسوع.
[2] الكابيلا.
[3] من هو مبدأ كل شيء؟ المسيح هو الألف والياء، البداية والنهاية. أحمد شعر بحضور مبدأ كل شيء ولكنه لم يكن يفهم شيئاً.

No comments:

Post a Comment